في سوق العمل التنافسي، يلجأ بعض أصحاب العمل
إلى إدراج بنود "عدم المنافسة" في عقود الموظفين لحماية مصالحهم. لكن قد
تكون هذه البنود باطلة إذا خالفت الضوابط النظامية. و أوضح ذلك من خلال المثال:
لنفترض أن هناك مهندس ميكانيكي يعمل لدى شركة
(أ) قرر عدم تجديد عقده بعد انتهاء مدته، وأبلغ الجهة المعنية بذلك بشكل نظامي. في
اليوم التالي لانتهاء العقد، انتقل للعمل لدى شركة (ب) المنافسة لشركة (أ). هنا،
قد تزعم شركة (أ) أن انتقاله ينتهك بند عدم المنافسة. لكن هل هذا الادعاء صحيح ام
باطل؟
المفهوم الخاطئ لبند عدم
المنافسة:
إذا فُسر البند على أنه يمنع العامل من
الانضمام لأي جهة منافسة، فهذا تفسير غير منطقي ولا نظامي. ففي مجال تخصصي مثل
هندسة ميكانيكية أو طبيب أو محامي ، تُعتبر جميع الشركات العاملة في المجال منافسة
لبعضها بطبيعة الحال. لو قُبل هذا التفسير، لاضطر كل عامل إلى التوقف عن العمل
لمدة سنتين بعد كل عقد، وهو أمر غير معقول ويُخالف حقوق العامل في كسب الرزق و
ممارسة عمله.
الضوابط النظامية لصحة البند:
نصت المادة ٨٣/١ من نظام العمل السعودي
(الصادر عام 2005) على شروط صحة شرط عدم المنافسة، وهي:
1. أن يكون العمل يتيح للعامل معرفة عملاء
صاحب العمل أو أسراره التجارية.
2. أن يُكتب البند بشكل مُحدد:
-
زمنياً: ألا تزيد المدة عن سنتين من انتهاء العقد.
-
جغرافياً: تحديد نطاق مكاني معقول (مثل منطقة محددة، وليس دولة كاملة).
-
نوعياً: تحديد طبيعة العمل الممنوع بدقة.
كما أكدت *مدونة المبادئ العمالية* (القرار
رقم ٤٣١/٢/٦٣ تاريخ 11/2/1431هـ) أن البند يهدف إلى منع العامل من منافسة صاحب
العمل مباشرةً (كفتح مشروع مماثل أو استخدام مصادرة الخاصة )، ولا يمنعه من
الانضمام لشركة منافسة كموظف.
متى يكون البند باطلاً؟
- إذا كان عاماً وغير محدد (مثال: "يمنع
العمل في أي شركة طيران في المملكة").
- إذا تجاوز المدة القانونية (سنتين).
- إذا لم يُراعِ التوازن بين مصلحة صاحب العمل
وحق العامل في العمل.
أمثلة على التعسف في الصياغة:
- منع العامل من العمل في دول الخليج كافةً
(توسيع جغرافي غير مبرر).
- حظر العمل في أي مجال تقني (توسيع نوعي غير
محدد).
هذه الصياغات تجعل البند باطلاً لتعسفها، وقد
يُعتبر كأن لم يُكتب " كأن لم يكن" وفقاً للمادة ٨٣.
المقارنة مع القانون
الفرنسي:
يشترط القانون الفرنسي (بناءً على أحكام محكمة
النقض عام 2002) شروطاً مشابهة، منها تحديد الزمان والمكان ونوع النشاط، مع ضرورة
تعويض مالي للعامل مقابل التقيد بالبند. وهذا يؤكد أن المبدأ العالمي يركز على
التوازن وعدم الإضرار بالحقوق الأساسية للعامل.
نصيحة للموظفين:
- راجع العقد بدقة قبل التوقيع، خاصةً بنود
عدم المنافسة.
- استشر مختصاً قانونياً إذا كان البند عاماً
أو غير عادل.
- تذكر أن البند لا يمنعك من العمل لدى منافس،
بل يمنعك من استخدام معلومات سرية أو فتح مشروع منافس مباشر.
الخلاصة:
بند عدم المنافسة ليس مطلقاً. فحماية مصالح
صاحب العمل يجب ألا تُهدر حق العامل في بناء مسيرته المهنية. لذلك، يُعتبر البند
باطلاً إذا خالف شروط المادة ٨٣ السعودية، خاصةً عندما يُفرض بشكل تعسفي أو غير
محدد. احرص على فهم حقوقك، ولا تتردد في الطعن في البنود المجحفة!